من البيت إلى العيادة البيطرية: كيف نعتني بالحيوانات المنزلية بطريقة صحيحة؟
شهدت العقود الأخيرة تزايداً ملحوظاً في امتلاك الحيوانات المنزلية نتيجةً لدورها في الدعم النفسي والاجتماعي وتحسين جودة الحياة. وتتطلب تربيتها اتباع ضوابط بيطرية وسلوكية وصحية قائمة على أسس علمية لضمان رفاه الحيوان وسلامة الإنسان والبيئة. ويأتي الاهتمام بالحيوانات المنزلية ضمن إطار الصحة العامة والطب الوقائي والرفق بالحيوان.
كيف يتم اختيار الحيوان المناسب والاعتبارات البيئية
يتطلب اقتناء الحيوان تقييماً مسبقاً لعدد من المتغيرات، أبرزها:
- المساحة المتاحة داخل المسكن
- القدرة الاقتصادية على تغطية الغذاء والرعاية العلاجية
- الوقت المخصص للتنظيف والمتابعة
- طبيعة السلوك والنشاط الحركي لكل نوع
- وجود أطفال أو أفراد يعانون من الحساسية
ويُفضّل اعتماد مبدأ التوافق الوظيفي بين احتياجات الحيوان وبيئة المربي، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية والرفاهية. التغذية المتوازنة والمتطلبات الغذائية تشكل التغذية العامل الرئيس في الحفاظ على النمو والمناعة والوظائف الحيوية. ويجب أن تتضمن الحصص الغذائية:
- البروتينات ذات القيمة الحيوية المرتفعة
- الدهون الأساسية والأحماض الدهنية
- الفيتامينات والمعادن الدقيقة
- الألياف لتنظيم وظائف الجهاز الهضمي
كما ينبغي تجنب الأغذية ذات السمية أو التأثيرات الضارة مثل:
الشوكولاتة، البصل والثوم، العنب والزبيب، بقايا الدهون والعظام الحادة.
يراعى أن تتم أي تغييرات غذائية بصورة تدريجية لتفادي الاضطرابات الهضمية.
متطلبات الرفاه والرعاية اليومية
تندرج العناية اليومية ضمن مبادئ الرفق بالحيوان وتشمل:
- توفير بيئة نظيفة وجافة جيدة التهوية
- تغيير مياه الشرب بشكل مستمر
- تنظيف الفراش أو الرمل الصحي للقطط
- التمشيط والوقاية من تساقط الفراء
- قص الأظافر عند الحاجة
- توفير فرص الحركة والنشاط الذهني
وتسهم هذه الإجراءات في خفض معدلات العدوى الطفيلية والأمراض الجلدية.
. الرعاية البيطرية والتطعيمات : تعد المتابعة البيطرية الدورية جزءاً أساسياً من إدارة صحة الحيوان، وتشمل:
- برامج التطعيم وفق الجداول المعتمدة لكل نوع
- مكافحة الطفيليات الداخلية والخارجية
- الفحص السريري السنوي
- التوعية بالأمراض المشتركة مع الإنسان
الأمراض الشائعة في الحيوانات المنزلية
الطفيليات الخارجية (البراغيث والقراد)
المظاهر السريرية: حكة، التهاب جلدي، تساقط شعر.
الإدارة العلاجية: مستحضرات مضادة للطفيليات + تعقيم البيئة.
الوقاية: برامج وقائية دورية موسمية.
الديدان المعوية
الأعراض: إسهال، فقدان وزن، ضعف نمو.
العلاج: أدوية مضادة للديدان حسب الوزن والعمر.
الوقاية: النظافة الغذائية ومنع تناول مخلفات ملوّثة.
أمراض الجهاز التنفسي
تشيع خصوصاً في القطط والطيور.
الأعراض: عطاس، إفرازات أنفية، فقدان شهية.
الإدارة البيطرية: علاج نوعي يعتمد على التشخيص التفريقي (فيروسي/بكتيري)
الاضطرابات الهضمية والإسهال
قد تنجم عن تغيير مفاجئ في الغذاء أو تلوث الطعام.
العلاج الأولي: تعويض السوائل ومراقبة الحالة، مع مراجعة الطبيب عند استمرار الأعراض.
الأمراض المشتركة (Zoonoses)
تمثل تحدياً صحياً عاماً وتشمل:
- داء الكلب
- السالمونيلا
- داء المقوسات (Toxoplasmosis)
إجراءات الوقاية:
- الالتزام بالتطعيمات
- النظافة الشخصية وغسل اليدين بعد التعامل مع الحيوان
- إدارة الفضلات والبيئة بشكل صحي
. السلوك الحيواني والتدريب
يسهم التدريب الإيجابي المعتمد على التعزيز بدل العقاب في:
- خفض السلوكيات العدوانية
- تحسين التكيف المنزلي
- تقليل التوتر والاضطرابات السلوكية
كما يرتبط النشاط البدني المنتظم بالوقاية من السمنة والمتلازمات الاستقلابية.
مفهوم الصحة الواحدة (One Health)
تندرج التربية السليمة للحيوانات المنزلية ضمن نهج الصحة الواحدة الذي يربط:
صحة الإنسان — صحة الحيوان — صحة البيئة
ويؤكد هذا النهج أهمية:
- الرقابة البيطرية
- التوعية المجتمعية
- الوقاية من انتقال الأمراض المشتركة
وفي الختام نقول
إن تربية الحيوانات المنزلية ممارسة ذات أبعاد أخلاقية وصحية تتطلب:
- إدارة علمية للتغذية والبيئة
- التزاماً بالرعاية والتطعيمات
- وعياً بالأمراض ووسائل الوقاية
- تعزيز مبادئ الرفق بالحيوان والصحة الواحدة
ويُعد التكامل بين المربي والطبيب البيطري والمؤسسات الصحية أساساً للحفاظ على رفاه الحيوان وسلامة المجتمع.

